Friday, February 29, 2008

القاضي والجلاد

- مرحباً أيها القاضي
- أنا لست قاضياً
- من قال لك ذلك ...إنك قد صرت قاضياً و جلاداً في نفس الوقت
- ما تلك التخاريف ؟!!
- صدقني ...إنها ليست تخاريف ....إنها الحقيقة
- ممكن تقول لي ...كيف ذلك ؟!!!
- إنك قد صرت قاضياً بحكمك في أهم قضية على سطح الأرض و قد صرت جلاداً بتنفيذك للحكم .....ولكن للأسف ...حكمك كان ظالماً و متسرع ولم يعقبه أي استئناف .

لقد حكمت على أجمل نعم الله عز و جل علينا ...حكمت على خير عون و صديق لك في هذه الحياة .....حكمت عليه بدون أن تسمع مرافعته ....بل رفضت سماع الشهود أيضاً .

أجل إنك قد حكمت على " الإسلام " ...حكمت عليه بالسجن مدى الحياة داخل جدران المسجد ...لقد صدر حكمك و إن لم تنطقه شفتاك بأنه لم يعد يصلح لهذا الزمان .
من فضلك لا تغضب من صراحتي و دعنا نلتفت للحقيقة فقط ...ما صلتك الآن بالإسلام ؟
بالطبع لا تقل لي بأنك في البطاقة الشخصية "مسلم" أو تخبرني بالدليل القاطع أنك تصلي صلاة الجمعة بانتظام ....الخ .
كل هذا أصبح مجرد بروتوكولات نحافظ عليها ....كما يقول البعض "عاداتنا و تقاليدنا الشرقية " ....و كأن لسان حالهم يخشى أن ينطق كلمة الحق "هذه من تعاليم الإسلام "
لأنه لو قال ذلك لصار ملزماً بتنفيذ سائر تعاليم الإسلام .

كم مرة حاولت فيها زيارة سجينك ؟ هل حاولت أن تشعر به يوماً ؟
هل سمعت أنينه ؟ هل حاولت تضميد جراحه ؟
بل زدت جراحه طعنة نجلاء بيد أحد أبنائه و ليتها كانت من عدو ......من أقنعك بأن سجينك لا يصلح للعيش معنا في هذا الزمان ؟
من قال لك بأن كل من يحاول زيارته و التودد إليه إنسان معقد أو رجعي ؟

على أية حال .....تمسك بحكمك ...لا تتنازل عن قرارك......... أغلق عليه كل النوافذ.... شد وثاقه .... أحكم قيوده....و لكن أنظر عالياً.....
لقد طار السجين ... رغم القيود....رغم الجروح....حلق عالياً يشكوك لقاضي القضاة...للحكم العدل ....في أعظم محكمة ....

- أين أنا ؟!!!!.....كيف جئت إلى هنا ؟!!
هل من مجيب ؟!!
هل من مغيث ؟
مستحيل ...الإسلام هنا أيضاً ...مرحباً يا صديقي العزيز ....لم لا تجبني ؟
أرجوك أجبني .....لا تتخلى عني....أنا لا أتحمل سعير النيران .......
آه ه ه .. يا للأسف ...كيف تجبني اليوم و أنا قد تركتك وحيداً طوال حياتي....
و لكن لا ...لا لا ...سيشفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ...أجل إنه الرحمة المهداه ...سيشفع لي ...لن يتركني ....و لكن بما سيشفع لي ...هل سيشفع لي بسخريتي منك أم بإهمالي لك !!
ذلك صعب جداً ....إذن من ينجدني ؟!!
أجل ....ها هم صحابة رسول الله ....أستحلفكم بالله أن تنجدوني
يا أبا بكر ....يا عمر ....يا عثمان ...يا علي....يا...يا ...يا....
- ماذا تريد أيها الفتى البائس ؟
- أنجدوني
- كيف ؟
- ألستم الصحابة ...ألستم قدوتنا ؟
- هل تذكرت ذلك الآن ؟!!..ألم نكن بالنسبة لك مجرد تاريخ رفضت تكراره في حياتك.....كنت تقول عنا دائماً " دول كانوا في زمن و احنا في زمن تاني ، حياتهم ما عدتش تنفعنا النهاردة " .......إذن كيف سننفعك اليوم ؟
- لا .....لا تتركوني أنتم أيضاً .......من يشفع لي بعدكم
هل صرت هالك لا محالة ....لكن أليس هؤلاء أصحابي و جيراني ...أجل إني أعرفهم جيداً ...و لكن الكثير منهم حاله ليس أفضل مني فهو يبحث عن من يغيثه من العذاب الأليم مثلي ....و مع ذلك يوجد منهم من يتجه إلى النعيم الخالد ...إلى الجنة....انتظروني ....ألا تأخذوني معكم ...ألم أكن زميلكم يوماً...ألم أكن جاركم يوماً.....بالله عليكم خذوني معكم .
- للأسف ....لا نستطيع ذلك ....علام نشفع لك اليوم ....ألم نكن بالنسبة لك رجعيين و متشددين ...ماذا نقول لله عز و جل ؟!!
- هل هذه هي النهاية حقاً ....ألا يوجد ذرة أمل للهروب من ذلك المصير الأليم.....
أين المفر ؟!!!.......لا انتظروا ...هل أنتم زبانية جهنم ....أجل ..أكيد أنتم زبانية جهنم
أرجوكم اتركوني...أكيد يوجد حل ....سأجد المفر ...اتركوني ....لا تلقوا بي في النيران ....لن أتحمل ذلك العذاب....لا ..النيران تلفح وجهي الآن ...علام العجلة أيتها النيران ...فأنا سألقى بك باقي الزمان ....اتركوني .....اتركوني....ألا من مغيث ؟!!...ألا من مفر ؟!!...اتركووووووووووننيييييييييييييييي


- فلتستيقظ أيها الفتى فلا زلت حياً ترزق.....استيقظ فلا زال هناك مفر ...لازال هناك أمل
- حقاً...ألا زلت حياً ؟ ....ألا زال الأمل موجود ؟
- نعم
- لكن ماذا أفعل ؟ كيف أعيد الأمل من جديد ؟
- الحل سهل و بسيط ...كل ما عليك أن تعرف أن المفر أن تفر إلى الله ...فلا ملجأ منه إلا إليه .
- كيف أفر إلى الله ؟
- قم بزيارة سجينك ....ألا تتذكره ؟....ضمد جراحه ...ما عليك سوى أن تمد له يدك و دع الباقي له ...سيحتويك ...سيشملك برعايته....سيصلح لك دنياك وآخرتك ....سيعينك في كل وقت وحين ....احبه فستجد منه كل الحب و الإخلاص ...اهتم به و بكل من يحبه فستجدهم أنفع الناس و أخلصهم لك .
صدقني ....الأمل موجود ...فقط ما عليك سوى البداية .فيا عزيزي ..يا ابن الإسلام ...أعد فتح ملف القضية من جديد و يكفيك أن تكون هذه المرة قاضياً عادلاً فلا يجب أن تكون دائماً القاضي والجلاد