يا لجمال ذلك المكان و يا لها من هيبة
يتوجه بها الزمن على مر العصور.
كم تعجبت من ذلك السر الدفين فى مثل هذه
الأماكن . فالمعتاد أن معظم الأشياء يطويها النسيان بمرور الوقت عليها فتقل قيمتها
يوماً بعد يوم ، إلا الآثار و أماكنها المختلفة فكلما زاد عمرها ارتفعت مكانتها و
صارت صوب الأنظار .......فما هو السر يا ترى ؟
هل يكمن فى غرابتها عما حولها فتجذب
الإنتباه ، ام انها صارت مصدر للدخل عن طريق السياحة فسلطت عليها الأضواء ...ولكن
ذلك لا يجيب عن السؤال ...فمن الأصل ما الذي لفت الإنتباه إليها....و ما الذي
يجعلنا نقف منبهرين أمامها .....لا أعتقد أنه روعة صناعتها فقط ففى كثير من الأحيان يكون الزمن قد أضفى بصماته
فكاد أن يمحو ملامحها و مع ذلك هذا لا ينقص من شأنها شيئاً بل يزدها وقاراً.
- ما الذى يحيرك يا فتى ؟
-من الذى يتحدث ؟............... هل
أكون قد أصبت بلعنة الفراعنة؟
-لعنة الفراعنة ....يبدو أننى أخطأت
عندما اعتقدت بأنك لست مثلهم و ستجعلنى أندم على مخاطبتك .
- غير معقول هل أنت كما أظن ( أبو الهول
) ؟
-أجل
-و لكن لماذا غضبت عندما ذكرت "
لعنة الفراعنة " ؟ و من هم الذين تظننى مثلهم ؟
- اننى أقصد سائر قومك ممن لا يبحثون عن
أصل الأمور و أسرارها و يكتفون بمظهرها كمن يرى المصباح لأول مرة ...كل ما يهمه هو
الضوء المنبعث منه دون التفكير في كيفية انبعاثه وتركيب المصباح و الأدهى من ذلك
أنه يرضى بأول خاطر يطرأ له ....و هو أن " المصباح فيه عفريت "
و لكن لأكون صادقا معك ...." لعنة
الفراعنة " قد أصابتكم حقاً منذ أمد بعيد دون أن يشعر أحد .
-مصباح.... و ضوء
منبعث.....ها.ها.ها.ها.....يبدو أنك صرت مثقفاً من طوال بقاءك فى أرض الحضارة (
مصر ) ...أو أنك هكذا منذ البداية فلا عجب فى ذلك ألم ينحتك الفراعنة ( أجدادنا
العظماء ) أصحاب أول و أعظم حضارة فى التاريخ
-أرأيت ها هى لعنة الفراعنة تتجلى فى
أبهى صورها في حديثك هذا مثل الآخرين تماما يثرثرون دائما بكلمات لا يفقهون منها
شيئا ....فيفتخرون بحضارة الفراعنة بلا أدنى حق فيها ....فكيف يفتخرون بحضارة لا
يعلمون عنها سوى بعض السطور فى الكتب المدرسية على حد أقصى ....و مع هذا فلنفترض
أنكم عرفتم عن تلك الحضارة كل شئ ....فما المبرر لحالة التخلف الواضحة التى
تعيشونها ، و بالطبع لا تقل أنكم تواكبون العصر و أجهزتكم على أعلى مستوى ....فكل
ذلك ما هو إلا فتات منضدة الدول المتقدمة الذى تلقيه لكم لتستمتعوا بحياة التابع
بل حياة العبيد ، و لتظل لعنة الفراعنة تخدركم بزهو زائف يلقي بكم فى بئر التخلف .
- يا لها من لعنة أصبنا بها أنفسنا.
- ليس هذا و حسب بل اللعنة الحقيقية يوم
نشهد عليكم
_ متى ذلك ؟ و من أنتم ؟
- يوم سينطق الجماد حقاً ....يوم يحاسب
المهمل على إهماله و المتقن على تفوقه .
أما من نحن .....الآثار ..كما تطلقون
علينا و التى تبتهجون لمشاهدتها و تتشدقون بعظمتها و عظمة صانعيها ....و داعاً
أيها الفتى و لكن هناك معلومة أود أن تعلمها ( بقدر ما تثرثر بما لا تعمل بقدر ما
تهبط و يزداد حسابك )
- وداعاً يا ( أبو الهول ) ....لقد عرفت
الآن سر انجذاب الناس لكم و لكنك طرحت على سؤالاً أو لنقل حقيقة مريرة ( من الذى
يشاهد الآخر ...الناس أم الآثار ...)
و
الأهم ( لماذا يشاهده؟؟؟؟؟؟؟؟ )